أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل الخطيب - اندلاع الثور/ي/ة وزخمهم...















المزيد.....

اندلاع الثور/ي/ة وزخمهم...


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 3211 - 2010 / 12 / 10 - 01:50
المحور: الادب والفن
    


اندلاع الثور/ي/ة وزخمهم...

وأنا أكتب هذه السطور هنا، يتكلم الثلج في الخارج مع الأشجار القريبة من البيت، يُعانقها ويُعانق بعضه، ثمّ يتمدد على الأريكة بارتياح وهدوء تام. تُمدد ذراعها فوق وخلف رأسه المُتعب والذي "غطّته" في نوم هادئ. هكذا أحبك أن تنام –حدّثت نفسها ولم تنتبه أنه بدأ يعيش بينها وبين نفسها، وبهذا أيقظته.

في نصف يديّه يسترخي نصف الصدر الناهد بدون إذن السلطان..
وفي النصف الآخر، يتصفّح كتاب ذاكرة فحول الثورة المنتصبة،
وفياغراها يتجدد من ذاك اليوم الخامس في شهر حزيران..
قبل الثورة، كان يتسلّق أعلى الشجرة حتى يتلاشى صوته،
ويفقد توازنه ليَهوي مخموراً ويغيب بين تضاريس البركان..
وبعد الثورة، اندلعت بُقعة، لفحت أشجار الكرمة،
وتجمّع بعض الصبية وقالوا: بتثاقل تمشي ثورتنا،
يبدو أنها حامل، بعد أن شبّ عليها، كل الثيران!..

بعد اندلاع ثورة نصف عصف ضباط الوطن، صار كل شيء تقريباً مناصفة أو ما يُشبه ذلك، وانزلقت وحدة وحرية واشتراكية الأمة العربية الواحدة! وأقسمَت بالثلاثة أعلاه أنها بنت رسالة خالدة.
آه لو لم تندلع تلك الثورة، أيّ دَلع صار فينا؟! قالتها بتنهدٍ وحسرةٍ على طعم ليالي زمان: لكنها اندلعت بحمده/م.
لو بقيت ثورة "السَح الدَّح امبوه .. والود طالع لأبوه، وأبو أبوه" ضمن حدود البلد لكانت محكومة بالفشل، وبالتالي كان اندلاع الفشل أيضاً سيصل الأشقاء الصغار وأنصاف الكبار الذين من أجلهم هبط الوحي في نوفمبر. الثورة تعرف مصلحتهم أكثر منهم. للثورة مسئولية تاريخية قومية لا تُوقفها جبال طوروس ولا زاغاروس، لا تُعيقها وحول عربستان ولا يحسرها مضيق اسكندرون. الثورة اندلعت كما يندلع الزيت من جرة فخار مكسورة. زيت الثورة يُشعل سراج الوحدة رغم محاولات إجهاضها في الخامس من السادس! السراج الذي فتيلته في ساحة الحرية وتُشعشع مروراً بمكتب وزير -الهجوم خير دفاع وحتى رئيس جبهة تقدميّي الكَسَبة ووجناتها المتوّردة!
ثورتنا تلك –هذه متجددة، لو أراد العالم إخمادها لما تخلّت عن ثوابتها في منع إضعاف وهن عزيمة الأمة، وفي دعمها بعض صغار الكَسَبة حتى ينصحوا ويريّشوا، ثم تندلع من جديد وتصحح معها صحة الأصحاء استناداً للاصطفاء الطبيعي منافسة ريش الجماهيرية العظمى المنفوش العظيم. وإذا اندلعت بُقعتها أكثر، ووصلت بَقاقيع شرارتها إلى أمريكا مثلاً، وأخذت الملعونة مصيرها بيدها، وأخذتُ أنا بيدي وكالة استيراد وتوزيع الصور الباسمة -ليس لأوباما، بل لأبانا الذي قُرب السبع بحرات، –قالها والشرر يندلع بُقعاً من عينيه، عندها سأصبح من أنصاف الكَسَبة الثوريين، وكنتيجة للاندلاع هذا يمكن نصبح ولاية أمريكية، ونتعاون مع قبيلة من الهنود نصف الحمر المندلعين بأماكنهم، وإذا كان من الضروري للمرشح أن يكون قد وُلد في أمريكا، فإن أعضاء ضباط و"زباط" قيادة الثورة وملحقاتهم تقوم بوطء إناثهن في الوطن ويندلعن للولادة السياحية في أمريكا، أي أن أكثر فراخ الثورة تحمل جنسية الإمبريالية الأمريكية الصديقة. وفي انتخاباتهم القادمة يمكن يندلع رئيس أمريكا من بيننا، ويبدأ الضغط على إسرائيل كي تنهي تتنيحها وتنقبر تتباحث حول الجولان، وحول فينيسيا أيضاً، وتصبح أوربا في جيبة القميص الصغيرة، ويمكن تخيّل ميركل وساركوزي وبرلسكوني والمساعد أبو ساعد عابينطوطوا اندلاعاً داخل الجيبة، ويأتي الفذّ يقذفهم بإرشاد اندلاعي جماهيري عظيم، وعندها يسترجي أي أخو إختو من منظمة الطاقة الذرية أو مصلّح دواليب طائرة لوكربي يرفع صوته.
علامة انتصار الثورة بعد اندلاعها هو حبس نصف رأسها غير المندلع، وانتحار وهروب النصف الآخر، ثمّ يُدعى واهني عزيمة الأمة المندلعة لشرب القهوة، لأنهم دفعوا نصف الشعب للعيش تحت نصف خط حزام المعدة، والنصف الآخر نصفه يتأرجح بين -أو على- تلك التضاريس التحتية قليلاً، فنحن شعبٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا جعنا لا نأكل، وإذا أكلنا لا نشبع! المهم الطموح والتحدي لإيجاد مقابض للثورة ومرابض لمُذكّرها.
تندلع الثورة كما يُقال نتيجة الضغط، ومازال يضغط الثور/ي أحمد سعيد من إذاعة صوت العرب على حنجرته لتندلع دلْعاً يطمر البحر الأبيض بالعائدين هرباً!.
يقال في علم الاجتماع –والله أعلم وأجمع، أن المجتمع –رغم منع الاجتماعات، يجعل من المواطن القويم إنساناً منحرفاً سيئاً وحتى مجرماً، والقضاء على الإجرام يبدأ عند الجذور.

حديث الثورة لابد أن يُعرّجنا على لينين، ومن خلال محفوظاتي، أعتقد أنه أشار إلى أن اندلاعها يحدث عند الحلقة الأضعف في السلسلة، ولكوننا أقوى حلقة في السلسلة، بل كل السلسلة بالجيبة، لذا نحن نعرف ونُحدد الحلقة الأضعف –يعني أن نحِفّها ونحِكّها حتى تصير رقيقة وضعيفة- وبهذا نحتفظ لأنفسنا بحق تحديد تاريخ ومكان وشكل الاندلاع المناسب، حتى صرنا قوة عظمى فيه! وقد نؤجر السلسلة لأحد الحلقات المندلعة حتى "يحِفّها ويحِكّها" مثل علاء الدين وسراج ثورته، ليخرج منها المارد ونصفق له اتقاءً لشرّه، أو دعماً لشرّه، أو تعليم الآخرين بشرّه، أو تهديد الآخرين بشرّه، وكل ذلك ونحن نُغنّي بالفرنسية نشيد "ابعِد عن الشرّ وغنّيلوا!".
قاد لينين البلاشفة عندما كتب "ما العمل؟"، ثمّ سارت الأحداث وارتفع نجم ستالين، ويقال أن لينين كتب لرفاقه حول سلوك النجم ولمعانه وطالبهم التفكير بموضوع إعفاء ستالين من مسئوليته القيادية! وبعد ذلك أصابته رصاصة طايشة اندلعت في رقبته وبقيت هناك حتى موته، هذا قَدَر لينين والبلاشفة.
وعودة إلى انتخابات الإمبريالية، لم يكن هناك يوماً أغلبية كاسحة في البرلمان، ورغم ذلك تبقى حقوق غير الفائزين أو المعارضة محفوظة، ولا يطردوهم من العمل أو يبعثوهم للسجن. لا يجب محبة منافسيهم، ولكن لا يحاربوهم بلقمة الهامبورغر.
هذه أمريكا ونظامها. ما العمل؟ ومن أجلهم يُمسّح البعض أرخص وأغلى الأجواخ، ويلحس أسوأ وألذ بوظة، ويُقبّل أنعم وأخشن الأيادي، ويدعو للتوسط حتى محتلي أرضنا، ويبتزهم ويساوم حتى في لحظة انتشال الغرقى من الماء أو من قبضة القاعدة والواقفة، ويدعم بعض أنواع الأحزمة الجهادية، ويجوّع ويسجن بعض شعبنا نكاية بحقوق إنسانهم، ويعمل السبعة والتسعة وذمتهما للتقرّب منهم... هم الإمبريالية التي نصنّع أعلامها لنقوم بحرقها! لكن فخارهم غير مثقوب حتى هذه اللحظة، وهو شرط الاندلاع! ما العمل؟.
يُقال أنه يوجد في نيويورك ما يُسمى مخازن الدولار! وثمن أي سلعة فيها هو دولار واحد. وهذه في لاس فيغاس تُسمى مخازن العشر دولارات ومن أجهزة الصرف الآلي لا يمكن سحب أقل من 200 دولار، ويعتبرون أن الذي سحب هذه القيمة لابد أن يصرفها! وهذا يعني أن ملايين سوّاحنا السائحين من جمهورية التين والزيتون وأربعة سلاسل من السنين، والذين في لاس فيغاس إجازاتهم يقضون، لن يشعرون بالخجل أمام مواطني جمهوريات موز أفريقيا المحترمين.
وسيكون لسائحنا شيء يحكيه بعد عودته. ويمكن تنظيم رحلات جماعية مثلاً من الجزيرة السورية مباشرة إلى لاس فيغاس دون التوقف في ويكيليكس، ولا مبرر للقلق، سيكون هناك طاولات كافية للعب في الكازينوهات. في لاس فيغاس هناك احتمال للربح. وفي سوريا اندلاع الربح لا يخضع لاحتمالات، إنه مضمووونٌ يا ولدي! بشرط معرفة كيفية كبس كبّاس زخم الاندلاع.

أربعون تشريناً مع البؤس نسافر!
ننام – نفيق مع الوطن الخريفيّ على صوت
هتافات الولاء، على وعد الحناجر!
أربعون مرّة دارت الشام حول الشام جائعة،
لا قمح يُشبِع في مخازنها، ولا الأمطار تلفح ريقها،
وغاب عن مقرننا كل الفرح المعتّق للصبايا،
وحداء عشاق سهرات البيادر!

من الصعب إيقاف زخم الثورة، وليس من المفيد ذلك. الثورة يجب أن تسير وتناطح حتى النهاية. خلال السبع سنوات الأولى تقلّص عدد الوزراء الفعليين كثيراً، ثمّ صار عددهم "واحد أحد يلد واحد أحد!" وإذا كان إينشتاين يستخدم من دماغه حوالي 10% فإن "ولد واحد أحد" يستخدم الـ90% الباقية -من دماغ إينشتاين!
يُعجبني هذا الزخم المندلع، ويبدو أنه يُعجب آخرين في الغرب والشرق والشمال والجنوب. وعند معرفة السبب بطل الجواب على " ما العمل؟". الاندلاع مستمر. أربعون حولاً لا أبالك يسأم؟!.

ملاحظة: كُتبت في ذكرى مناسبة لا تُنسى، وتذكّرت أني نسيتُ نشرها.

بودابست، 10 / 12 / 2010. فاضل الخطيب.



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إن البازلتَ قليلُ. في الحَتّ والتعرية..!
- آخر البؤساء..
- وَقفة وردّ غطاها..
- فضة الكلام وذهبُ السكون/ت، خوش/نعم..
- الشِبريّة فوق البنفسجية وتحت الحمراء...
- حناجر بين قفزة أرمسترونغ ومتعة غروسكي ...
- جملة واحدة عن الطغيان...
- عاقل يحكي وأعقل يفهم...
- تنذكَر وما تنعاد، تنعاد وما تِنذَكَر!..
- الالتفاف حول الصفر المئوي 97%...
- الدنيا كِدَه، وكِدَه! ولاّ كِدَه؟...
- حوارات شامية
- الغضب الساطع الأصلي آت!..
- معلومات سياحية صياحية...
- أوربا في الاتجاه الصحيح...
- مرايا التجميل وخميرة -النفش-...
- أسئلة على ضفاف غابات الهوبرة...
- بانتظار سندويشة خالية من لحم الخنزير...
- الثالوث غير المُقدّس للأواني المستطرقة...
- ملاعق الجنة متساوية الطول


المزيد.....




- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل الخطيب - اندلاع الثور/ي/ة وزخمهم...